حتى الجذور
لكل منا أسبابه الخاصة كي لا يُنهي حياته بيديه. وتلك الأسباب عادة ما تكون وراء هؤلاء الذين يختارون نقيض ذلك تماما
إن أصاب صياد ظلا ظنا خاطئا منه أنه فريسة، فسيبيت بلا صيدٍ ولا أسهم. مثال سأسقطه على ما نعيش في هذه
. الدنيا
كل ما هو حي ينفِر من اﻷلم. ونحن نعيش حياتنا محاولين أن نُبقي على ميزان الراحة والكَبَد معتدلاً، إلا أننا ما نلبث حتى ننسى أنه ميزان لابد أن يحتوي على كفتين لكل منهما وزن تحمله. أن “نبحث عن السعادة” ما هو إلا لِبَاسٌ زائف
. ألبسناه لأخرى ألا وهي “الهروب من الألم” دائما ما ننسى ذلك، وستنفذ مننا الأسهم عما قريب
ما سنّه الله لنا من أحكام (ظناً صائباً منا أنها كذلك أو لا) ومن المبادئ التي اتخذناها لأنفسنا، مرجعية نحكّمها في معيشتنا لنُبقي على ذلك الميزان معتدلاً. واتباع الخطأ منها يؤدي إلى ميزان غير معتدل. ذلك أن السعادة المطلقة الدائمة لا يمكن بحال أن يتحصل عليها إنسان، على الأقل دون أن يتلاعب بكيمياء دماغه. بالرغم من هذا لازلنا نَرمي
بسهامنا على ظلال كثيرة، ظانين أنها الفريسة. إلى أننا أصبحنا نُخوّل لأنفسنا بأن تلك الظلال هي الفريسة. حقيقة خاطئة
تعود بنا إلى الوراء لتحكّم بذاتها على ما اتخذناه مرجعية أولا. مؤديةً بنا إلى طرق ضلال كثيرة تشوه الحقيقة
. المطلقة اﻷولى السهلة الواضحة
أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ
سورة الجاثية - آية 23
هؤلاء الذين ينغمسون مع أهوائهم عابثين بذلك الميزان لا يختلفون كثيراً عمن يعبثون بكيمياء دماغهم ( محاولة للحصول على سعادة غامرة لإسكات اﻷلم الذي كُتب علينا في هذه الدنيا ) مما لا شك فيه انها محاولة يائسة. لن يغير من الأمر شيئا أن تلبسه رداءً يواري عن حقيقته.
إن كان الأمر كذلك. اذن، لم العناء؟ إذا كان هناك أداة يمكنها أن تساعدنا على أن نوقف تلك المعايرة ، لم لا نستخدمها؟ عندها سنضع حداً لسعادتنا وآلامنا على حد سواء. في النهاية إنها تلك المظاهر الزائفة التي صنعناها بأنفسنا فأرغمتنا على أن نعيش بهذه الطريقة منذ أول يوم وحتى النهاية. تجد نفسك مرغما على طريقة عيش قد رسمت لك بالفعل منذ نعومة أظافرك وحتى تصبح كهلا متسائلا كيف آلت الأمور إلى هنا؟ كل ما مضى كان بلا قيمة تستحق الذكر.
ولكن، إذا قمنا بنزع كل تلك اﻷلبسة والمظاهر الزائفة، فسوف تجد الحقيقة المدفونة خلف كل ذلك، وتصبح كفّتي الميزان في اعتدال دون تدخل منك. أشبه بالشجرة الثابتة التي لا تبرح مكانها، كيف لا وجذورها قد حالت دون ذلك كل سبيل!؟
وإن لم تجد خلف ذلك ما يرضي غريزة البقاء عندك، فلك كامل الحق في أن تبحث عما يرضيها. بل يتوجب عليك ذلك. ولكن، هل ستتيه مجددا في بحر الزيف وتنسى ما هو مطلق لا يعتمد على مزاجك اليومي أو حالتك الاجتماعية أو النفسية؟؟
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةًۭ طَيِّبَةًۭ كَشَجَرَةٍۢ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌۭ وَفَرْعُهَا فِى ٱلسَّمَآءِ (24) تُؤْتِىٓ أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍۭ بِإِذْنِ رَبِّهَا ۗ وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍۢ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍۢ (26) يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَفِى ٱلْـَٔاخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّـٰلِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ (27)
سورة إبراهيم
هكذا في كثير من الأحيان ما تسير الدنيا، يسنّ البشر القوانين والقواعد. في بادئ الأمر نرحب بالقوانين الإلهية المطلقة، إلى أن نسنّ قواعدنا الخاصة التي تميّع من القوانين الإلهية. وما نلبث حتى نرفضها بعد ذلك بالكلية ونلجأ
لما وضعناه نحن بأنفسنا.
شخصان لا شئ مشترك بينهما مطلقا، ولكل منهما هدفه الخاص في الحياة الذي يتعارض ضرورة مع الآخر. هل هذا يعني أن أحدهما مخطئ؟ هل هذا يعني أن كلاهما مخطئ؟ هل يجب علينا أن نفترض أنه لابد أن يكون لكل الناس نفس الهدف؟ هل نصنع ذلك الهدف والمعنى من الحياة نحن بأنفسنا؟
لمَ كل هذا؟ لم قد يتحتم عليك أن تعيش في وهمٍ من صنعك أنت؟ فقط، ابحث عن السبب الوحيد والجدوى التي
. وُجدتَ لأجلها واجعلها دوما نُصب عينيك. ما دون ذلك فأنت تعيش في عبثٍ تام
لقد قام البشر بهذا لعددٍ من المرات لا يعلمه إلا الله، ولم يتغير الوضع الآن ولن يتغير. والحقيقة الثابتة المطلقة تبقى كما هي (ثابتة ومطلقة) كالشجرة الثابت أصلها الممتد فرعها إلى السماء، ثابتة قابلة للاكتشاف. مطلقة غير قابلة للتعديل. لا تعتمد على زمان أو مكان
Such there is Night، not Night as ours—Unhappy Folk
— J.R.R. Tolkien.
The Unhappy Folk: unhappyfolk.org
Telegram: unhappyfolk.t.me
Mail: msg@unhappyfolk.org